قال ابو القاسم الشابي
سَــــــأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعــــــداءِ ـــــــــ كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّــــــــــمَّاءِ
أرْنُو إلى الشَّــــــمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً ـــــــــ بالسُّـــــــحْبِ والأَمطارِ والأَنواءِ
لا أرْمـــــــقُ الظِّلَّ الكـئيبَ ولا أرَى ـــــــــ مَا في قَرارِ الهُوَّةِ السَّــــــــــوداءِ
وأَســــــيرُ في دُنيـــا المَشَاعرِ حالِماً ـــــــــ غَرِداً وتلكَ سَـــــــــعادةُ الشعَراءِ
أُصْغي لمُـوســــــيقى الحَياةِ وَوَحْيِها ـــــــــ وأذيبُ روحَ الكَوْنِ في إنْشَــــائي
وأُصيــــــخُ للصَّــــوتِ الإِلهيِّ الَّذي ـــــــــ يُحْيي بقـــــــــــلبي مَيِّتَ الأَصْداءِ
وأقــولُ للقَــــــدَرِ الَّــــــذي لا ينثني ـــــــــ عَنْ حَرْبِ آمـــــــــــالي بكلِّ بَلاءِ
لا يُطْفِئُ اللَّهـــــبَ المؤجَّجَ في دمي ـــــــــ موجُ الأســى وعواصفُ الأَزراءِ
فـــاهدمْ فؤادي ما اســــــتطعتَ فإنَّهُ ـــــــــ ســــــيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ
لا يعـرفُ الشَّــــــكوى الذليلَة والبكا ـــــــــ وضراعَة الأَطفـــــــالِ والضّعفاءِ
ويعيــــــشُ جبّـــــــــَاراً يحدِّق دائماً ـــــــــ بالفجر بالفجرِ الجميــــــــلِ النَّائي
إِمـــــلأْ طريقي بالمخـاوفِ والدُّجى ـــــــــ وزوابعِ الأَشــــــــواكِ والحصباءِ
وانْشـــــر عـــليه الرُّعب واثر فوقه ـــــــــ رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأســــاءِ
سَــــأَظلُّ أمشــي رغمَ ذلك عـــازفاً ـــــــــ قيثــــــــــــــــارتي مترنِّماً بغنائي
أَمشــــــــي بروحٍ حـــــــالمٍ متَوَهِّجٍ ـــــــــ في ظُـــــــــــــلمةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّــــــور في قلبي وبيـــنَ جوانحي ـــــــــ فَعَلامَ أخشى السَّــــيرَ في الظلماءِ
إنِّي أنـــــــــا النَّايُ الَّـــذي لا تنتهي ـــــــــ أنغامُـــــــــــــهُ ما دام في الأَحياءِ
قال زهير ابن ابي سلمى
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً، لا أبالك، يسأم!
واعلم ما في اليوم، والأمس قبله،
ولكنني عن علم ما في غد عمي!
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب
تمته، ومن تخطئ يعمِّر فيهرم!
ومن لا يصانع في أمور كثيرة
يضرِّس بأنياب، ويوطأ بمنسم
ومن يجعل المعروف من دون عرضه
يفره، ومن لا يتق الشتم يشتم
ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضله
على قومه، يستغن عنه ويذمم
ومن يوف لا يذمم، ومن يهد قلبه
إلى مطمئن البر لا يتجمجم
ومن ساب أسباب المنايا ينلنه،
وإن يرق أسباب السماء بسلم
ومن يجعل المعروف في غير أهله
يكن حمده ذماً عليه، ويندم
ومن يعص أطراف الزجاج، فإنه
يطيع العوالي ركبت كل لهدم
ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه
يهدم، ومن لا يظلم الناس يظلم
ومن يغترب يحسب عدواً صديقه
ومن لا يكرم نفسه لا يكرّم
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفي على الناس تعلم
وكائن ترى من صامت لك معجب
زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبقى إلا صورة اللحم والدم
لا تحرمووووووووووني من رودودوكم