بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد :
بسم الله الرحمن الرحيم
قد مضى في موضوع سابق أن من حكمة الله سبحانه وتعالى
أحيانا في عبده أنه لا يجعل شفاءه التام في أمر واحد
ولا دواء واحد ولا عبادة واحدة ولا راق واحد ..
فيجعل شفاءه من القرآن وسماع الرقية نصيبا ..
و يجعل جزء من شفائه في صلاته وقيامه ودعائه ويقينه وتوكله ..
وجزء آخر يجعله في الصدقة ومساعدة المحتاجين ورفع كربات المكروبين .
وجزء آخر من الشفاء يجعله في الأدوية الحسية كالزيت
وبعض الأعشاب والخلطات ..
وعلى العبد أن يطرق ما يعرف من أبواب الشفاء والمعافاة
ولا يكن أسيرا لدواء واحد فقط
فيقرأ القرآن ، ويدعو ويتصدق ويعالج عند الأطباء إن احتاج الأمر إلى ذلك .
وقد يبذل المريض جميع هذه الأدوية ثم يحرم من الشفاء
وقد يزاد له في البلاء
وهذا يرجع لأمرين :
إما أن الله يريد رفع درجته عنده فإن الله إذا أحب عبدا ابتلاه
وقال صلى الله عليه وسلم :
(
يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب
لو أن جلودهم كانت قرضت بالمقاريض )
وإما أن مرض العبد وشدته عليه يكون معاقبة من الله له من أجل ذنب عمله
أو عبد ظلمه أو مال حرام أكله ..
فراجع نفسك أخي المريض فإن شؤم المعصية عظيمة
وأثرها فتاك في تدمير الأمم والحضارات ومنع القطر والرزق من السماء
قال عبد الله بن عباس : " إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً
في القلب ، وسعةً في الرزق ، وقوةً في البدن ، ومحبةً في قلوب الخلق
، وإن للسيئة سواداً في الوجه ، وظلمةً في القلب ،
ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق ، وبغضةً في قلوب الخلق " .
وقد قد يكون العارض تافها والسحر من أضعف ما يكون !
ولكن ذنب العبد عظيم ! والقطيعة بينه وبين الله كبيرة !
سرائر الذنوب ،وظلم الناس وذنب قد تستهين به فيعاقبك الله
من أجل ذلك أعظم العقوبة وأنت تتخبط هنا وهناك
وتتقلب من راق إلى راق وعلاجك ودواؤك أقرب إليك من شسع نعلك !
راجع نفسك أخي المبتلى !
(
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)
(
ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
فإذا هنت على الله بمعصيته كيف تبغي رزقه وتطلب الشفاء منه !
( ومن يهن الله فماله من مكرم )
فيا من ابتلي بسحر التفريق فلعل ذنبا وراء ما حصل ،
ولعل سوء حالة أحد الطرفين يوما بعد يوم ونفرته من الطرف الآخر
بسبب معاصي أحد الزوجين
فشؤم المعصية أحيانا ليست عليك فحسب بل على مالك ودابتك وأهلك
قال بعض السلف : إني لأعصي الله ، فأرى ذلك في خُلق دابتي وامرأتي.
ويا من ابتليت بسحر صرف الخطاب ، ويا من ابتلي بتعسر الأمور
وانسداد أبواب الرزق لعل وراء تسلط هذا السحر عليك معاصي لازلت ترتكبها
صباح مساء
قال ابن القيم في معرض بيانه لآثار المعاصي على العبد :
ومنها تعسير اموره عليه فلا يتوجه لامر الا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه
وهذا كما إن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا فمن عطل التقوى
جعل الله له من أمره عسرا ويالله العجب كيف يجد العبد أبواب الخير
والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لايعلم من أين أتى .أهــ .
وإياك أخي محقرات الذنوب ! فإنها تجتمع على العبد حتى تهلكه
كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك .
ولا أقصد أن كل من زاد ت عليه الكربة وطالت به مدة العلاج
أنه لازال في معاصي وذنوب ..
ولكن المقصود أن يراجع العبد نفسه فإن من أعظم دعائم العلاج
الرجوع إلى الله والتزام أمره وترك نواهيه .
ثم بعد ذلك يبذل الأسباب الأخرى .
والحمدلله رب العالمين
الشيخ جاسم العبيدلي معالج بالقرآن
أرجو عند نقل الموضوع ذكر صاحبه للأمانة العلمية
وجزاكم الله خيرا